المواطنية والهوية: العيش في مجاميع الشتات في أوروبا ما بعد الحرب
إن الشتات هو الموقع الذي تجد فيه هذه الخلفية معنى. إن الشتات ماض مُخترَع للحاضر، ومُحوَّل أبداً إلى أشكال ومعان تتوافق مع الحاضر. وبذلك يقوم لا كحقيقة معاشة بل كجزء من مخطط أوسع لإدخال الاستمرارية والتماسك في قصص الحياة المكسورة فرضاً في ظل ظروف الهجرة والنفي. إنه إضفاء للصفة المادية على الأوطان المقولية، والتقاليد، والذاكرات الجماعية، وحالات التوق الشديدة .إنها مقولة من مقولات الوعي التي تفتقر فيها ممارسات الصيغ المضارعة إلى القدرة في ذواتها ومن ذواتها، لكنها تحصل على الأهمية بمواجهة ابتكارية الماضي.
ليس الشتات مفهوماً جديداً. في استخدامه الكلاسيكي، يقدم نموذجاً معيارياً للتاريخ والتجربة اليهوديين، المعاشين في حالة من "انعدام العالم". لكن مؤخراً وجد الكثير من الاستخدام كمقولة تحليلية في الأدبيات الهائلة للهجرة التي تتناول التفرق العالمي للكتل السكانية المهاجرة. وهو يجذب الكثير من خيالنا التحليلي والشعبي ويدعي ثباتاً تفسيرياً في رواية حضور الكتل السكانية المهاجرة وظروفها.
هذا أمر أود التشكيك فيه: استخدام الشتات، باعتباره مقولة تحليلية، في تفسير التجربة المعاصرة للهجرة. ويرتبط أساس تشكيكي بالافتراض نفسه المُبطَّن في المفهوم، أي إصراره على تمييز نموذج الأمة-الدولة والتشكيلات المحددة قومياً عند الحديث عن عملية عالمية كالهجرة. ويتمثل رأيي في أن هذا التفوق البديهي الممنوح للأمم والأمم-الدول كوحدات تحليلية يصعب حمله في وجه التغييرات المعاصرة في الجغرافيا وممارسة المواطنية والانتماء. وسأناقش هنا التطورات التالية للحرب التي تجعل الشتات صعب المنال باعتباره مقولة تحليلية ومعيارية، وتوجه مناقشاتنا إلى تشكيلات جديدة من العضوية والتقدم بالدعاوى والانتماء – إما تبقى غير مرئية أمام المفاهيم التقليدية للشتات أو تُعتبَر غالباً غير ذات أهمية في وجه وزنها المعياري.